القرآن والسنة القرآن الكريم القرآن mp3 مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

شرح معنى الآية 20 من سورة النمل - وتفقد الطير فقال ما لي لا أرى

سورة النمل الآية رقم 20 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 20 من سورة النمل عدة تفاسير, سورة النمل : عدد الآيات 93 - الصفحة 378 - الجزء 19.

﴿ وَتَفَقَّدَ ٱلطَّيۡرَ فَقَالَ مَالِيَ لَآ أَرَى ٱلۡهُدۡهُدَ أَمۡ كَانَ مِنَ ٱلۡغَآئِبِينَ ﴾
[ النمل: 20]


التفسير الميسر

وتفقد سليمان حال الطير المسخرة له وحال ما غاب منها، وكان عنده هدهد متميز معروف فلم يجده، فقال: ما لي لا أرى الهدهد الذي أعهده؟ أسَتَره ساتر عني، أم أنه كان من الغائبين عني، فلم أره لغيبته؟ فلما ظهر أنه غائب قال: لأعذبنَّ هذا الهدهد عذابًا شديدًا لغيابه تأديبًا له، أو لأذبحنَّه عقوبة على ما فعل حيث أخلَّ بما سُخِّر له، أو ليأتينِّي بحجة ظاهرة، فيها عذر لغيبته.

تفسير الجلالين

«وتفقّد الطير» ليرى الهدهد الذي يرى الماء تحت الأرض ويدل عليه بنقره فيها فتستخرجه الشياطين لاحتياج سليمان إليه للصلاة فلم يره «فقال ماليَ لا أرى الهدهد» أي أعرضَ لي ما منعني من رؤيته «أم كان من الغائبين» فلم أره لغيبته فلما تحققها.

تفسير السعدي

ثم ذكر نموذجا آخر من مخاطبته للطير فقال: وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ دل هذا على كمال عزمه وحزمه وحسن تنظيمه لجنوده وتدبيره بنفسه للأمور الصغار والكبار، حتى إنه لم يهمل هذا الأمر وهو تفقد الطيور والنظر: هل هي موجودة كلها أم مفقود منها شيء؟ وهذا هو المعنى للآية.
ولم يصنع شيئا من قال: إنه تفقد الطير لينظر أين الهدهد منها ليدله على بعد الماء وقربه، كما زعموا عن الهدهد أنه يبصر الماء تحت الأرض الكثيفة، فإن هذا القول لا يدل عليه دليل بل الدليل العقلي واللفظي دال على بطلانه، أما العقلي فإنه قد عرف بالعادة والتجارب والمشاهدات أن هذه الحيوانات كلها، ليس منها شيء يبصر هذا البصر الخارق للعادة، ينظر الماء تحت الأرض الكثيفة، ولو كان كذلك لذكره الله لأنه من أكبر الآيات.
وأما الدليل اللفظي فلو أريد هذا المعنى لقال: " وطلب الهدهد لينظر له الماء فلما فقده قال ما قال " أو " فتش عن الهدهد "أو: " بحث عنه "ونحو ذلك من العبارات، وإنما تفقد الطير لينظر الحاضر منها والغائب ولزومها للمراكز والمواضع التي عينها لها.
وأيضا فإن سليمان عليه السلام لا يحتاج ولا يضطر إلى الماء بحيث يحتاج لهندسة الهدهد، فإن عنده من الشياطين والعفاريت ما يحفرون له الماء، ولو بلغ في العمق ما بلغ.
وسخر الله له الريح غدوها شهر ورواحها شهر، فكيف -مع ذلك- يحتاج إلى الهدهد؟"وهذه التفاسير التي توجد وتشتهر بها أقوال لا يعرف غيرها، تنقل هذه الأقوال عن بني إسرائيل مجردة ويغفل الناقل عن مناقضتها للمعاني الصحيحة وتطبيقها على الأقوال، ثم لا تزال تتناقل وينقلها المتأخر مسلما للمتقدم حتى يظن أنها الحق، فيقع من الأقوال الردية في التفاسير ما يقع، واللبيب الفطن يعرف أن هذا القرآن الكريم العربي المبين الذي خاطب الله به الخلق كلهم عالمهم وجاهلهم وأمرهم بالتفكر في معانيه، وتطبيقها على ألفاظه العربية المعروفة المعاني التي لا تجهلها العرب العرباء، وإذا وجد أقوالا منقولة عن غير رسول الله صلى الله عليه وسلم ردها إلى هذا الأصل، فإن وافقته قبلها لكون اللفظ دالا عليها، وإن خالفته لفظا ومعنى أو لفظا أو معنى ردها وجزم ببطلانها، لأن عنده أصلا معلوما مناقضا لها وهو ما يعرفه من معنى الكلام ودلالته.
والشاهد أن تفقد سليمان عليه السلام للطير، وفقده الهدهد يدل على كمال حزمه وتدبيره للملك بنفسه وكمال فطنته حتى فقد هذا الطائر الصغير فَقَالَ مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ أي: هل عدم رؤيتي إياه لقلة فطنتي به لكونه خفيا بين هذه الأمم الكثيرة؟ أم على بابها بأن كان غائبا من غير إذني ولا أمري؟.

تفسير البغوي

قوله - عز وجل - : ) ( وتفقد الطير ) أي : طلبها وبحث عنها ، والتفقد : طلب ما فقد ، ومعنى الآية : طلب ما فقد من الطير ( فقال ما لي لا أرى الهدهد ) أي : ما للهدهد لا أراه ؟ .
تقول العرب : ما لي أراك كئيبا ؟ أي : مالك ؟ والهدهد : طائر معروف .
وكان سبب تفقده الهدهد وسؤاله عنه ، قيل : إخلاله بالنوبة ، وذلك أن سليمان كان إذا نزل منزلا يظله وجنده الطير من الشمس ، فأصابته الشمس من موضع الهدهد ، فنظر فرآه خاليا .
وروي عن ابن عباس : أن الهدهد كان دليل سليمان على الماء وكان يعرف موضع الماء ويرى الماء تحت الأرض ، كما يرى في الزجاجة ، ويعرف قربه وبعده فينقر الأرض ، ثم تجيء الشياطين فيسلخونه ويستخرجون الماء .
قال سعيد بن جبير : لما ذكر ابن عباس هذا قال له نافع بن الأزرق : يا وصاف انظر ما تقول ، إن الصبي منا يضع الفخ ويحثو عليه التراب ، فيجيء الهدهد ولا يبصر الفخ حتى يقع في عنقه ، فقال له ابن عباس : ويحك إن القدر إذا جاء حال دون البصر .
وفي رواية : إذا نزل القضاء والقدر ذهب اللب وعمي البصر .
فنزل سليمان منزلا فاحتاج إلى الماء فطلبوا فلم يجدوا ، فتفقد الهدهد ليدل على الماء ، فقال : ما لي لا أرى الهدهد ، على تقرير أنه مع جنوده ، وهو لا يراه ، ثم أدركه الشك في غيبته ، فقال : ( أم كان من الغائبين ) يعني أكان من الغائبين ؟ والميم صلة ، وقيل : " أم " بمعنى " بل " ،

تفسير الوسيط

والتفقد: تطلب الشيء ومعرفة أحواله، ومنه قولهم: تفقد القائد جنوده، أى: تطلب أحوالهم ليعرف حاضرهم من غائبهم.
والطير: اسم جنس لكل ما يطير، ومفردة طائر، والمراد بالهدهد هنا: طائر معين وليس الجنس.
وأَمْ منقطعة بمعنى بل.
أى: وأشرف سليمان- عليه السلام- على أفراد مملكته ليعرف أحوالها، فقال بعد أن نظر في أحوال الطير: ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أى: ما الذي حال بيني وبين رؤية الهدهد ثم تأكد من غيابه فقال بل هو من الغائبين.
قال الآلوسى: «والظاهر أن قوله- عليه السلام- ذلك، مبنى على أنه ظن حضوره ومنع مانع له من رؤيته، أى: عدم رؤيتي إياه مع حضوره، لأى سبب؟ الساتر أم لغيره.
ثم لاح له أنه غائب، فأضرب عن ذلك وأخذ يقول: أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ كأنه يسأل عن صحة ما لاح له.
فأم هي المنقطعة، كما في قولهم: إنها لإبل أم شاء .
.
.
.

المصدر : تفسير : وتفقد الطير فقال ما لي لا أرى