القرآن والسنة القرآن الكريم القرآن mp3 مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

شرح معنى الآية 24 من سورة ص - قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه

سورة ص الآية رقم 24 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 24 من سورة ص عدة تفاسير, سورة ص : عدد الآيات 88 - الصفحة 454 - الجزء 23.

﴿ قَالَ لَقَدۡ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعۡجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِۦۖ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلۡخُلَطَآءِ لَيَبۡغِي بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٍ إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَقَلِيلٞ مَّا هُمۡۗ وَظَنَّ دَاوُۥدُ أَنَّمَا فَتَنَّٰهُ فَٱسۡتَغۡفَرَ رَبَّهُۥ وَخَرَّۤ رَاكِعٗاۤ وَأَنَابَ۩ ﴾
[ ص: 24]


التفسير الميسر

قال داود: لقد ظلمك أخوك بسؤاله ضم نعجتك إلى نعاجه، وإن كثيرًا من الشركاء ليعتدي بعضهم على بعض، ويظلمه بأخذ حقه وعدم إنصافه مِن نفسه إلا المؤمنين الصالحين، فلا يبغي بعضهم على بعض، وهم قليل. وأيقن داود أننا فتنَّاه بهذه الخصومة، فاستغفر ربه، وسجد تقربًا لله، ورجع إليه وتاب.

تفسير الجلالين

«قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك» ليضمها «إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء» الشركاء «ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم» ما لتأكيد القلة فقال الملكان صاعدين في صورتيهما إلى السماء: قضى الرجل على نفسه فتنبه داود قال تعالى: «وظن» أي أيقن «داود أنما فتناه» أوقعناه في فتنة أي بلية بمحبته تلك المرأة «فاستغفر ربَّه وخرَّ راكعا» أي ساجدا «وأناب».

تفسير السعدي

فقال داود - لما سمع كلامه - ومن المعلوم من السياق السابق من كلامهما، أن هذا هو الواقع، فلهذا لم يحتج أن يتكلم الآخر، فلا وجه للاعتراض بقول القائل: لم حكم داود، قبل أن يسمع كلام الخصم الآخر ؟ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وهذه عادة الخلطاء والقرناء الكثير منهم، فقال: وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ لأن الظلم من صفة النفوس.
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فإن ما معهم من الإيمان والعمل الصالح، يمنعهم من الظلم.
وَقَلِيلٌ مَا هُمْ كما قال تعالى وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ وَظَنَّ دَاوُدُ حين حكم بينهما أَنَّمَا فَتَنَّاهُ أي: اختبرناه ودبرنا عليه هذه القضية ليتنبه فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ لما صدر منه، وَخَرَّ رَاكِعًا أي: ساجدا وَأَنَابَ للّه تعالى بالتوبة النصوح والعبادة.

تفسير البغوي

( قال ) داود ( لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه ) أي : بسؤاله نعجتك ليضمها إلى نعاجه .
فإن قيل : كيف قال لقد ظلمك ولم يكن سمع قول صاحبه ؟قيل : معناه إن كان الأمر كما تقول فقد ظلمك ، وقيل : قال ذلك بعد اعتراف صاحبه بما يقول .
( وإن كثيرا من الخلطاء ) الشركاء ، ( ليبغي بعضهم على بعض ) يظلم بعضهم بعضا ، ( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) فإنهم لا يظلمون أحدا .
( وقليل ما هم ) أي : قليل هم ، و " ما " صلة يعني : الصالحين الذين لا يظلمون قليل .
قالوا : فلما قضى بينهما داود نظر أحدهما إلى صاحبه فضحك وصعد إلى السماء ، فعلم داود أن الله تعالى ابتلاه ، وذلك قوله :( وظن داود ) أيقن وعلم ، ( أنما فتناه ) أنما ابتليناه .
وقال السدي بإسناده : إن أحدهما لما قال : " هذا أخي " الآية ، قال داود للآخر : ما تقول فقال : إن لي تسعا وتسعين نعجة ولأخي نعجة واحدة وأنا أريد أن آخذها منه فأكمل نعاجي مائة ، قال : وهو كاره ، إذا لا ندعك وإن رمت ذلك ضربت منك هذا وهذا وهذا ، يعني : طرف الأنف وأصله والجبهة .
فقال : يا داود أنت أحق بذلك حيث لم يكن لأوريا إلا امرأة واحدة ولك تسع وتسعون امرأة ، فلم تزل تعرضه للقتل حتى قتل وتزوجت امرأته ، فنظر داود فلم ير أحدا فعرف ما وقع فيه .
وقال القائلون بتنزيه الأنبياء في هذه القصة : إن ذنب داود إنما كان أنه تمنى أن تكون امرأة أوريا حلالا له ، فاتفق غزو أوريا وتقدمه في الحرب وهلاكه ، فلما بلغ قتله داود لم يجزع عليه كما جزع على غيره من جنده إذا هلك ، ثم تزوج امرأته ، فعاتبه الله على ذلك ؛ لأن ذنوب الأنبياء وإن صغرت فهي عظيمة عند الله .
وقيل : كان ذنب داود أن أوريا كان خطب تلك المرأة ووطن نفسه عليها ، فلما غاب في غزاته خطبها داود فتزوجت منه لجلالته ، فاغتم لذلك أوريا ، فعاتبه الله على ذلك حيث لم يترك هذه الواحدة لخاطبها وعنده تسع وتسعون امرأة .
أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي قال : ومما يصدق ما ذكرنا عن المتقدمين ما أخبرني عقيل بن محمد بن أحمد الفقيه أن المعافى بن زكريا القاضي ببغداد أخبره عن محمد بن جرير الطبري ، قال : حدثني يونس بن عبد الأعلى الصيرفي ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني ابن لهيعة ، عن أبي صخر ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه سمعه يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن داود النبي - عليه السلام - حين نظر إلى المرأة فهم أن يجمع على بني إسرائيل وأوصى صاحب البعث ، فقال : إذا حضر العدو فقرب فلانا بين يدي التابوت ، وكان التابوت في ذلك الزمان يستنصر به وبمن قدم بين يدي التابوت ، فلم يرجع حتى يقتل أو ينهزم عنه الجيش فقتل زوج المرأة ، ونزل الملكان يقصان عليه قصته ، ففطن داود فسجد ومكث أربعين ليلة ساجدا حتى نبت الزرع من دموعه على رأسه وأكلت الأرض من جبينه وهو يقول في سجوده : رب زل داود زلة أبعد مما بين المشرق والمغرب ، رب إن لم ترحم ضعف داود ، ولم تغفر ذنبه جعلت ذنبه حديثا في الخلق من بعده ، فجاءه جبريل من بعد أربعين ليلة فقال : يا داود إن الله قد غفر لك الهم الذي هممت به ، فقال داود : إن الرب قادر على أن يغفر لي الهم الذي هممت به ، وقد عرفت أن الله عدل لا يميل ، فكيف بفلان إذا جاء يوم القيامة ، فقال : يا رب دمي الذي عند داود ، فقال جبريل : ما سألت ربك عن ذلك وإن شئت لأفعلن ، فقال : نعم ، فعرج جبريل وسجد داود ، فمكث ما شاء الله ثم نزل جبريل ، فقال : سألت الله يا داود عن الذي أرسلتني فيه ، فقال : قل لداود إن الله يجمعكما يوم القيامة ، فيقول له : هب لي دمك الذي عند داود ، فيقول : هو لك يا رب ، فيقول : إن لك في الجنة ما شئت وما اشتهيت عوضا عنه .
وروي عن ابن عباس ، وعن كعب الأحبار ، ووهب بن منبه قالوا جميعا : إن داود لما دخل عليه الملكان فقضى على نفسه ، فتحولا في صورتيهما فعرجا وهما يقولان : قضى الرجل على نفسه ، وعلم داود أنما عني به فخر ساجدا أربعين يوما ، لا يرفع رأسه إلا لحاجة ولوقت صلاة مكتوبة ، ثم يعود ساجدا تمام أربعين يوما ، لا يأكل ولا يشرب ، وهو يبكي حتى نبت العشب حول رأسه وهو ينادي ربه عز وجل - ويسأله التوبة ، وكان من دعائه في سجوده : سبحان الملك الأعظم الذي يبتلي الخلق بما يشاء ، سبحان خالق النور ، سبحان الحائل بين القلوب ، سبحان خالق النور ، إلهي أنت خليت بيني وبين عدوي إبليس فلم أقم لفتنته إذ نزلت بي ، سبحان خالق النور ، إلهي أنت خلقتني وكان من سابق علمك ما أنا إليه صائر ، سبحان خالق النور ، إلهي الويل لداود إذا كشف عنه الغطاء ، فيقال : هذا داود الخاطئ ، سبحان خالق النور ، إلهي بأي عين أنظر إليك يوم القيامة ، وإنما ينظر الظالمون من طرف خفي ، [ سبحان خالق النور ] إلهي بأي قدم أمشي أمامك وأقوم بين يديك يوم تزول أقدام الخاطئين ، سبحان خالق النور ، إلهي من أين يطلب العبد المغفرة إلا من عند سيده سبحان خالق النور ، إلهي أنا الذي لا أطيق حر شمسك ، فكيف أطيق حر نارك سبحان خالق النور ، إلهي أنا الذي لا أطيق صوت رعدك ، فكيف أطيق سوط جهنم سبحان خالق النور ، إلهي الويل لداود من الذنب العظيم الذي أصاب ، سبحان خالق النور ، إلهي قد تعلم سري وعلانيتي فاقبل عذري ، سبحان خالق النور ، إلهي برحمتك اغفر لي ذنوبي ولا تباعدني من رحمتك لهواي ، سبحان خالق النور ، إلهي أعوذ بنور وجهك الكريم من ذنوبي التي أوبقتني ، سبحان خالق النور ، فررت إليك بذنوبي واعترفت بخطيئتي فلا تجعلني من القانطين ، ولا تخزني يوم الدين ، سبحان خالق النور .
وقال مجاهد : مكث أربعين يوما ساجدا لا يرفع رأسه حتى نبت المرعى من دموع عينه حتى غطى رأسه ، فنودي : يا داود أجائع فتطعم أو ظمآن فتسقى أو عار فتكسى فأجيب في غير ما طلب ، قال : فنحب نحبة هاج لها العود فاحترق من حر جوفه ، ثم أنزل الله له التوبة والمغفرة .
قال وهب : إن داود أتاه نداء : إني قد غفرت لك ، قال : يا رب كيف وأنت لا تظلم أحدا قال : اذهب إلى قبر أوريا فناده ، فأنا أسمعه نداءك فتحلل منه ، قال : فانطلق وقد لبس المسوح حتى جلس عند قبره ، ثم نادى يا أوريا فقال : لبيك من هذا الذي قطع عني لذتي وأيقظني قال : أنا داود ، قال : ما جاء بك يا نبي الله ، قال : أسألك أن تجعلني في حل مما كان مني إليك ، قال : وما كان منك إلي قال : عرضتك للقتل : قال : عرضتني للجنة فأنت في حل ، فأوحى الله إليه : يا داود ألم تعلم أني حكم عدل لا أقضي بالعنت ، ألا أعلمته أنك قد تزوجت امرأته قال : فرجع إليه فناداه فأجابه فقال : من هذا الذي قطع علي لذتي قال : أنا داود ، قال : يا نبي الله أليس قد عفوت عنك قال : نعم ولكن إنما فعلت ذلك بك لمكان امرأتك وقد تزوجتها ، قال : فسكت ولم يجبه ، ودعاه فلم يجبه ، وعاوده فلم يجبه ، فقام على قبره وجعل التراب على رأسه ، ثم نادى : الويل لداود ثم الويل الطويل لداود ، سبحان خالق النور ، والويل لداود إذا نصبت الموازين بالقسط ، سبحان خالق النور ، الويل لداود ثم الويل الطويل له حين يؤخذ بذقنه فيدفع إلى المظلوم ، سبحان خالق النور ، الويل ثم الويل الطويل له حين يسحب عل وجهه مع الخاطئين إلى النار ، سبحان خالق النور ، فأتاه نداء من السماء : يا داود قد غفرت لك ذنبك ورحمت بكاءك واستجبت دعاءك وأقلت عثرتك ، قال : يا رب كيف وصاحبي لم يعف عني قال : يا داود أعطيه من الثواب يوم القيامة ما لم تر عيناه ولم تسمع أذناه ، فأقول له : رضي عبدي فيقول : يا رب من أين لي هذا ولم يبلغه عملي فأقول : هذا عوض من عبدي داود فأستوهبك منه فيهبك لي ، قال : يا رب الآن قد عرفت أنك قد غفرت لي .
فذلك قوله تعالى :( فاستغفر ربه وخر راكعا ) أي ساجدا ، عبر بالركوع عن السجود ؛ لأن كل واحد فيه انحناء .
قال الحسين بن الفضل : سألني عبد الله بن طاهر عن قوله : " وخر راكعا " هل يقال للراكع : خر قلت : لا ومعناه ، فخر بعدما كان راكعا ، أي : سجد ) ( وأناب ) أي : رجع وتاب .

تفسير الوسيط

وأمام هذه القضية الواضحة المعالم، وأمام سكوت الأخ المدعى عليه أمام أخيه المدعى،وعدم اعتراضه على قوله.
.
أمام كل ذلك.
لم يلبث أن قال داود في حكمه: لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ .
.
.
واللام في قوله: لَقَدْ .
.
.
جواب لقسم محذوف.
وإضافة «سؤال» إلى «نعجتك» من إضافة المصدر إلى مفعوله، والفاعل محذوف.
أى: بسؤاله، كما في قوله- تعالى-: لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ أى: من دعائه.
وقوله نِعاجِهِ متعلق بسؤال على تضمينه معنى الضم.
أى: قال داود- عليه السلام- بعد فراغ المدعى من كلامه، وبعد إقرار المدعى عليه بصدق أخيه فيما ادعاه- والله إن كان ما تقوله حقا- أيها المدعى- فإن أخاك في هذه الحالة يكون قد ظلمك بسبب طلبه منك أن تتنازل له عن نعجتك لكي يضمها إلى نعاجه الكثيرة.
وإنما قلنا إن داود- عليه السلام- قد قال ذلك بعد إقرار المدعى عليه بصحة كلام المدعى، لأنه من المعروف أن القاضي لا يحكم إلا بعد سماع حجة الخصوم أو الخصمين حتى يتمكن من الحكم بالعدل.
ولم يصرح القرآن بأن داود- عليه السلام- قد قال حكمه بعد سماع كلام المدعى عليه، لأنه مقرر ومعروف في كل الشرائع، وحذف ما هو مقرر ومعلوم جائز عند كل ذي عقل سليم.
ثم أراد داود- عليه السلام- وهو الذي آتاه الله الحكمة وفصل الخطاب- أراد أن يهون المسألة عن نفس المشتكى، وأن يخفف من وقع ما قاله أخوه الغنى له، وما فعله معه، فقال:وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ.
.
.
.
أى: قال داود للمشتكى- على سبيل التسلية له-: وإن كثيرا من الخلطاء، أى الشركاء- جمع خليط، وهو من يخلط ماله بمال غيره.
لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ أى: ليعتدى بعضهم على بعض، ويطمع بعضهم في مال الآخر إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فإنهم لا يفعلون ذلك لقوة إيمانهم، ولبعدهم عن كل ما لا يرضى خالقهم.
فالجملة الكريمة منصوبة المحل على الاستثناء، لأن الكلام قبلها تام موجب.
وقوله: وَقَلِيلٌ ما هُمْ بيان لقلة عدد المؤمنين الصادقين الذين يعدلون في أحكامهم.
ولفظ «قليل» خبر مقدم و «ما» مزيدة للإبهام وللتعجب من قلتهم.
و «هم» مبتدأ مؤخر.
فكأنه- سبحانه- يقول: ما أقل هؤلاء المؤمنين الذين يعملون الصالحات ويحرصون على إعطاء كل ذي حق حقه، والجملة الكريمة اعتراض تذييلى.
وبهذا نرى أن داود- عليه السلام- قد قضى بين الخصمين، بما يحق الحق ويبطل الباطل.
ثم بين- سبحانه- ما حاك بنفس داود- عليه السلام- بعد أن دخل عليه الخصمان، وبعد أن حكم بينهما بالحكم السابق فقال: وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ، فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ.
والظن معناه: ترجيح أحد الأمرين على الآخر.
وفتناه: بمعنى امتحناه واختبرناه وابتليناه، مأخوذ من الفتن بمعنى الابتلاء والاختبار.
أى: وظن داود- عليه السلام- أن دخول الخصمين عليه بهذه الطريقة، إنما هو لأجل الاعتداء عليه.
وأن ذلك لون من ابتلاء الله- تعالى- له، وامتحانه لقوة إيمانه، ولكن لما لم يتحقق هذا الظن، وإنما الذي تحقق هو القضاء بينهما بالعدل، استغفر ربه من ذلك الظن، «وخر راكعا» أى: ساجدا لله- تعالى- وعبر عنه بالركوع لأنه في كل منهما انحناء وخضوع لله- عز وجل- «وأناب» أى: ورجع داود إلى الله- تعالى- بالتوبة وبالمداومة على العبادة والطاعة.
واسم الإشارة في قوله- تعالى-: فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ .
.
.
يعود إلى الظن الذي استغفر منه ربه، وهو ظنه بأن حضور الخصمين إليه بهذه الطريقة غير المألوفة، القصد منها الاعتداء عليه، فلما ظهر له أنهما حضرا إليه في خصومة بينهما ليحكم فيها، استغفر ربه من ذلك الظن السابق، فغفر الله- تعالى- له.

المصدر : تفسير : قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه