القرآن والسنة القرآن الكريم القرآن mp3 مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

شرح معنى الآية 28 من سورة فاطر - ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك

سورة فاطر الآية رقم 28 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 28 من سورة فاطر عدة تفاسير, سورة فاطر : عدد الآيات 45 - الصفحة 437 - الجزء 22.

﴿ وَمِنَ ٱلنَّاسِ وَٱلدَّوَآبِّ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ مُخۡتَلِفٌ أَلۡوَٰنُهُۥ كَذَٰلِكَۗ إِنَّمَا يَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَٰٓؤُاْۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾
[ فاطر: 28]


التفسير الميسر

وخلقنا من الناس والدواب والإبل والبقر والغنم ما هو مختلف ألوانه كذلك، فمن ذلك الأحمر والأبيض والأسود وغير ذلك كاختلاف ألوان الثمار والجبال. إنما يخشى اللهَ ويتقي عقابه بطاعته واجتناب معصيته العلماءُ به سبحانه، وبصفاته، وبشرعه، وقدرته على كل شيء، ومنها اختلاف هذه المخلوقات مع اتحاد سببها، ويتدبرون ما فيها من عظات وعبر. إن الله عزيز قويٌّ لا يغالَب، غفور يثيب أهل الطاعة، ويعفو عنهم.

تفسير الجلالين

«ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك» كاختلاف الثمار والجبال «إنما يخشى الله من عباده العلماءُ» بخلاف الجهال ككفار مكة «إن الله عزيز» في ملكه «غفور» لذنوب عباده المؤمنين.

تفسير السعدي

ومن ذلك: الناس والدواب، والأنعام، فيها من اختلاف الألوان والأوصاف والأصوات والهيئات، ما هو مرئي بالأبصار، مشهود للنظار، والكل من أصل واحد ومادة واحدة.
فتفاوتها دليل عقلي على مشيئة اللّه تعالى، التي خصصت ما خصصت منها، بلونه، ووصفه، وقدرة اللّه تعالى حيث أوجدها كذلك، وحكمته ورحمته، حيث كان ذلك الاختلاف، وذلك التفاوت، فيه من المصالح والمنافع، ومعرفة الطرق، ومعرفة الناس بعضهم بعضا، ما هو معلوم.
وذلك أيضا، دليل على سعة علم اللّه تعالى، وأنه يبعث من في القبور، ولكن الغافل ينظر في هذه الأشياء وغيرها نظر غفلة لا تحدث له التذكر، وإنما ينتفع بها من يخشى اللّه تعالى، ويعلم بفكره الصائب وجه الحكمة فيها.
ولهذا قال: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ فكل من كان باللّه أعلم، كان أكثر له خشية، وأوجبت له خشية اللّه، الانكفاف عن المعاصي، والاستعداد للقاء من يخشاه، وهذا دليل على فضيلة العلم، فإنه داع إلى خشية اللّه، وأهل خشيته هم أهل كرامته، كما قال تعالى: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ كامل العزة، ومن عزته خلق هذه المخلوقات المتضادات.
غَفُورٌ لذنوب التائبين.

تفسير البغوي

( ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه ) ذكر الكناية لأجل " من " وقيل : رد الكناية إلى ما في الإضمار ، مجازه : ومن الناس والدواب والأنعام ما هو مختلف ألوانه ) ( كذلك ) يعني كما اختلف ألوان الثمار والجبال ، وتم الكلام هاهنا ثم ابتدأ فقال : ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) قال ابن عباس : يريد إنما يخافني من خلقي من علم جبروتي وعزتي وسلطاني .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا عمر بن حفص ، أخبرنا الأعمش ، أخبرنا مسلم ، عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها : صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا فرخص فيه ، فتنزه عنه قوم ، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فخطب فحمد الله ثم قال : " ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه فوالله إني لأعلمهم بالله وأشدهم له خشية " .
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا " .
وقال مسروق : كفى بخشية الله علما وكفى بالاغترار بالله جهلا .
وقال رجل للشعبي : أفتني أيها العالم ، فقال الشعبي : إنما العالم من خشي الله - عز وجل - .
( إن الله عزيز غفور ) أي : عزيز في ملكه غفور لذنوب عباده .

تفسير الوسيط

ثم بين- سبحانه- أن هذا الاختلاف ليس مقصورا على الجبال فقال: وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ .
.
.
وقوله: مُخْتَلِفٌ صفة لموصوف محذوف.
وقوله كَذلِكَ صفة- أيضا- لمصدر محذوف، معمول لمختلف.
أى: ليس اختلاف الألوان مقصورا على قطع الجبال وطرقها وأجزائها، بل- أيضا- من الناس والدواب والأنعام، أصناف وأنواع مختلف ألوانها اختلافا، كذلك الاختلاف الكائن في قطع الجبال، وفي أنواع الثمار.
وإنما ذكر- سبحانه- هنا اختلاف الألوان في هذه الأشياء، لأن هذا الاختلاف من أعظم الأدلة على قدرة الله- تعالى- وعلى بديع صنعه.
ثم بين- سبحانه- أولى الناس بخشيته فقال: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ أى: إنما يخاف الله- تعالى- ويخشاه، العالمون بما يليق بذاته وصفاته، من تقديس وطاعة وإخلاص في العبادة، أما الجاهلون بذاته وصفاته- تعالى-، فلا يخشونه ولا يخافون عقابه، لانطماس بصائرهم، واستحواذ الشيطان عليهم، وكفى بهذه الجملة الكريمة مدحا للعلماء، حيث قصر- سبحانه- خشيته عليهم.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت: هل يختلف المعنى إذا قدم المفعول في هذا الكلام أو أخر؟ قلت: لا بد من ذلك، فإنك إذا قدمت اسم الله، وأخرت العلماء، كان المعنى.
إن الذين يخشون الله من عباده هم العلماء دون غيرهم، وإذا عملت على العكس انقلب المعنى إلى أنهم لا يخشون إلا الله، كقوله- تعالى-: وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وهما معنيان مختلفان.
فإن قلت: ما وجه اتصال هذا الكلام بما قبله؟قلت: لما قال أَلَمْ تَرَ بمعنى ألم تعلم أن الله أنزل من السماء ماء، وعدد آيات الله، وأعلام قدرته، وآثار صنعته.
.
أتبع ذلك بقوله: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ كأنه قال: إنما يخشاه مثلك ومن على صفتك ممن عرفه حق معرفته، وعلمه كنه علمه.
وعن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «أنا أرجو أن أكون أتقاكم لله وأعلمكم به» .
وقوله: إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ تعليل لوجوب الخشية، لدلالته على أنه يعاقب على المعصية، ويغفر الذنوب لمن تاب من عباده توبة نصوحا.

المصدر : تفسير : ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك