القرآن والسنة القرآن الكريم القرآن mp3 مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

شرح معنى الآية 81 من سورة النحل - والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل

سورة النحل الآية رقم 81 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 81 من سورة النحل عدة تفاسير, سورة النحل : عدد الآيات 128 - الصفحة 276 - الجزء 14.

﴿ وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلَٰلٗا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلۡجِبَالِ أَكۡنَٰنٗا وَجَعَلَ لَكُمۡ سَرَٰبِيلَ تَقِيكُمُ ٱلۡحَرَّ وَسَرَٰبِيلَ تَقِيكُم بَأۡسَكُمۡۚ كَذَٰلِكَ يُتِمُّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تُسۡلِمُونَ ﴾
[ النحل: 81]


التفسير الميسر

والله جعل لكم ما تستظلُّون به من الأشجار وغيرها، وجعل لكم في الجبال من المغارات والكهوف أماكن تلجؤون إليها عند الحاجة، وجعل لكم ثيابًا من القطن والصوف وغيرهما، تحفظكم من الحر والبرد، وجعل لكم من الحديد ما يردُّ عنكم الطعن والأذى في حروبكم، كما أنعم الله عليكم بهذه النعم يتمُّ نعمته عليكم ببيان الدين الحق؛ لتستسلموا لأمر الله وحده، ولا تشركوا به شيئًا في عبادته.

تفسير الجلالين

«والله جعل لكم مما خلق» من البيوت والشجر والغمام «ظلالاً» جمع ظل، تقيكم حر الشمس «وجعل لكم من الجبال أكنانا» جمع كن، وهو ما يستكن فيه كالغار والسرب «وجعل لكم سرابيل» قمصا «تقيكم الحر» أي والبرد «وسرابيل تقيكم بأسكم» حربكم أي الطعن والضرب فيها كالدروع والجواشن «كذلك» كما خلق هذه الأشياء «يُتم نعمته» في الدنيا «عليكم» بخلق ما تحتاجون إليه «لعلكم» يا أهل مكة «تسلمون» توحدونه.

تفسير السعدي

وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ أي: من مخلوقاته التي لا صنعة لكم فيها، ظِلَالًا وذلك كأظلة الأشجار والجبال والآكام ونحوها، وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا أي: مغارات تكنكم من الحر والبرد والأمطار والأعداء.
وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ أي: ألبسة وثيابا تَقِيكُمُ الْحَرَّ ولم يذكر الله البرد لأنه قد تقدم أن هذه السورة أولها في أصول النعم وآخرها في مكملاتها ومتمماتها، ووقاية البرد من أصول النعم فإنه من الضرورة، وقد ذكره في أولها في قوله لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ أي: وثيابا تقيكم وقت البأس والحرب من السلاح، وذلك كالدروع والزرد ونحوها، كذلك يتم نعمته عليكم حيث أسبغ عليكم من نعمه ما لا يدخل تحت الحصر لَعَلَّكُمْ إذا ذكرتم نعمة الله ورأيتموها غامرة لكم من كل وجه تُسْلِمُونَ لعظمته وتنقادون لأمره، وتصرفونها في طاعة موليها ومسديها، فكثرة النعم من الأسباب الجالبة من العباد مزيد الشكر ، والثناء بها على الله تعالى، ولكن أبى الظالمون إلا تمردا وعنادا.

تفسير البغوي

( والله جعل لكم مما خلق ظلالا ) تستظلون بها من شدة الحر ، وهي ظلال الأبنية والأشجار ، ( وجعل لكم من الجبال أكنانا ) يعني : الأسراب ، والغيران ، واحدها كن ( وجعل لكم سرابيل ) قمصا من الكتان والقز ، والقطن ، والصوف ، ( تقيكم ) تمنعكم ، ( الحر ) قال أهل المعاني : أراد الحر والبرد فاكتفى بذكر أحدهما لدلالة الكلام عليه .
( وسرابيل تقيكم بأسكم ) يعني : الدروع ، والبأس : الحرب ، يعني : تقيكم في بأسكم السلاح أن يصيبكم .
( كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون ) تخلصون له الطاعة .
قال عطاء الخراساني : إنما أنزل القرآن على قدر معرفتهم ، فقال : وجعل لكم من الجبال أكنانا ، وما جعل [ لهم ] من السهول أكثر وأعظم ، ولكنهم كانوا أصحاب جبال كما قال : " ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها " لأنهم كانوا أصحاب وبر ، وشعر ، وكما قال : " وينزل من السماء من جبال فيها من برد " ( النور - 43 ) وما أنزل من الثلج أكثر ، ولكنهم كانوا لا يعرفون الثلج .
وقال : " تقيكم الحر " وما تقي من البرد أكثر ، ولكنهم كانوا أصحاب حر .

تفسير الوسيط

وبعد الحديث عن نعمة البيوت والأنعام جاء الحديث عن نعمة الظلال والجبال واللباس،فقال- تعالى-: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالًا.
.
.
.
والظلال: جمع ظل، وهو ما يستظل به الإنسان.
أى: والله- تعالى- بفضله وكرمه جعل لكم ما تستظلون به من شدة الحر والبرد، كالأبنية والأشجار، وغير ذلك من الأشياء التي تستظلون بها.
وقوله- تعالى- وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً .
.
.
نعمة ثانية.
والأكنان جمع كن- بكسر الكاف- وأصله السّترة، والجمع: أكنان وأكنّة، ومنه قوله- تعالى-: وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ .
.
.
أى في أستار وأغطية فلا يصل إليها قولك .
.
.
والمراد بالأكنان هنا: المغارات والأسراب والكهوف المنحوتة في بطون الجبال.
أى: وجعل لكم- سبحانه- من الجبال مواضع تستترون فيها من الحر أو البرد أو المطر، أو غير ذلك من وجوه انتفاعكم بتلك الأكنان.
وقوله- سبحانه- وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ نعمة ثالثة.
والسرابيل: جمع سربال وهي كل ما يتسربل به: أى يلبسه الناس للتستر والوقاية كالقمصان والثياب والدروع وغيرها.
أى: وجعل لكم من فضله وكرمه ملابس تتقون بها ضرر الحر وضرر البرد، وملابس أخرى هي الدروع وما يشبهها- تتقون بها الضربات والطعنات التي تسدد إليكم في حالة الحرب.
وقال- سبحانه-: تَقِيكُمُ الْحَرَّ مع أنها تقى من الحر والبرد، اكتفاء بذكر أحد الضدين عن الآخر، أو اكتفى بذكر الحر لأنه الأهم عندهم، إذ من المعروف أن بلاد العرب يغلب عليها الحر لا البرد.
قال صاحب الكشاف: لم يذكر البرد، لأن الوقاية من الحر أهم عندهم، وقلما يهمهم البرد لكونه يسيرا محتملا، وقيل: ما يقي من الحر يقي من البرد، فدل ذكر الحر على البرد.
وقال القرطبي: قال العلماء: في قوله- تعالى-: وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ دليل على اتخاذ الناس عدة الجهاد ليستعينوا بها على قتال الأعداء.
وقد لبسها النبي صلى الله عليه وسلم في حروبه.
.
.
ثم ختم- سبحانه- الآية الكريمة بقوله: كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ أى: كذلك الإتمام السابغ للنعم التي أنعم بها- سبحانه- على عباده يتم نعمته عليكم المتمثلة في نعم الدين والدنيا، لعلكم بذلك تسلمون وجوهكم لله- عز وجل-، وتدخلون في دين الإسلام عن اختيار واقتناع، فإن من شاهد كل هذه النعم، لم يسعه إلا الدخول في الدين الحق.

المصدر : تفسير : والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل