حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

القلة هي الجرار والقلة التي يستقى فيها - سنن الترمذي

سنن الترمذي | أبواب الطهارة باب منه آخر (حديث رقم: 67 )


67- عن ابن عمر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يسأل عن الماء يكون في الفلاة من الأرض، وما ينوبه من السباع والدواب؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث»، قال محمد بن إسحاق: «القلة هي الجرار، والقلة التي يستقى فيها»، وهو قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق، قالوا: «إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء ما لم يتغير ريحه أو طعمه»، وقالوا: «يكون نحوا من خمس قرب»

أخرجه الترمذي


صحيح

شرح حديث (القلة هي الجرار والقلة التي يستقى فيها)

تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)

‏ ‏قَوْلُهُ : ( عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ) ‏ ‏هُوَ إِمَامُ الْمَغَازِي صَدُوقٌ يُدَلِّسُ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ , وَقَالَ اِبْنُ الْهُمَامِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَمَّا اِبْنُ إِسْحَاقَ فَثِقَةٌ لَا شُبْهَةَ عِنْدَنَا وَلَا عِنْدَ مُحَقِّقِي الْمُحَدِّثِينَ اِنْتَهَى وَقَالَ الْعَيْنِيُّ فِي عُمْدَةِ الْقَارِي : اِبْنُ إِسْحَاقَ مِنْ الثِّقَاتِ الْكِبَارِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ اِنْتَهَى , وَتَقَدَّمَ تَرْجَمَتُهُ فِي بَابِ الرُّخْصَةِ فِي اِسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ بِأَبْسَطَ مِنْ هَذَا ‏ ‏( عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ ) ‏ ‏بْنِ الْعَوَّامِ الْأَسَدِيِّ ثِقَةٌ ‏ ‏( عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ) ‏ ‏بْنِ الْخَطَّابِ شَقِيقُ سَالِمٍ ثِقَةٌ : ‏ ‏قَوْلُهُ : ( وَهُوَ يُسْأَلُ ) ‏ ‏بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ ‏ ‏( عَنْ الْمَاءِ يَكُونُ فِي الْفَلَاةِ مِنْ الْأَرْضِ ) ‏ ‏قَالَ فِي الْقَامُوسِ : الْفَلَاةُ الْقَفْرُ أَوْ الْمَفَازَةُ لَا مَاءَ فِيهَا أَوْ الصَّحْرَاءُ الْوَاسِعَةُ ج فَلًا وَفَلَوَاتٌ وَفُلِىٌّ وَفِلِىٌّ ‏ ‏( وَمَا يَنُوبُهُ مِنْ السِّبَاعِ وَالدَّوَابِّ ) ‏ ‏عَطْفٌ عَلَى الْمَاءِ , يُقَالُ نَابَ الْمَكَانَ وَأَنَابَهُ إِذَا تَرَدَّدَ إِلَيْهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى ‏ ‏( قَالَ ) ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ " تَثْنِيَةُ الْقُلَّةِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ مَعْنَى الْقُلَّةِ ‏ ‏( لَمْ يَحْمِلْ الْخَبَثَ ) ‏ ‏بِفَتْحَتَيْنِ النَّجَسَ , أَيْ لَمْ يُنَجَّسْ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهِ , وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يُنَجَّسُ , وَلَفْظُ الْحَاكِمِ فَقَالَ إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ.
قَالَ الْقَاضِي : الْحَدِيثُ بِمَنْطُوقِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ إِذَا بَلَغَ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجَّسْ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ , فَإِنَّ مَعْنَى لَمْ يَحْمِلْ لَمْ يَقْبَلْ النَّجَاسَةَ.
كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ لَا يَقْبَلُ ضَيْمًا إِذَا اِمْتَنَعَ عَنْ قَبُولِهِ.
وَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ فَإِنْ تَغَيَّرَ نُجِّسَ , وَيَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ أَقَلَّ يُنَجَّسُ بِالْمُلَاقَاةِ وَهَذَا الْمَفْهُومُ يُخَصِّصُ حَدِيثَ " خُلِقَ الْمَاءُ طَهُورًا " عِنْدَ مَنْ قَالَ بِالْمَفْهُومِ وَمَنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَجْرَاهُ عَلَى عُمُومِهِ كَمَالِكٍ , فَإِنَّ الْمَاءَ قَلَّ أَوْ كَثُرَ لَا يُنَجَّسُ عِنْدَهُ إِلَّا بِالتَّغَيُّرِ , وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ : قَوْلُهُ لَمْ يَحْمِلْ الْخَبَثَ مَعْنَاهُ لَمْ يُنَجَّسْ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهِ كَمَا فَسَّرَهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى الَّتِي رَوَاهَا أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمَا " إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجَّسْ " وَالتَّقْدِيرُ لَا يَقْبَلُ النَّجَاسَةَ بَلْ يَدْفَعُهَا عَنْ نَفْسِهِ , وَلَوْ كَانَ الْمَعْنَى يَضْعُفُ عَنْ حَمْلِهِ لَمْ يَكُنْ لِلتَّقْيِيدِ مَعْنًى , فَإِنَّ مَا دُونَهَا أَوْلَى بِذَلِكَ , وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا يَقْبَلُ حُكْمَ النَّجَاسَةِ , كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى { مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا } أَيْ لَمْ يَقْبَلُوا حُكْمَهَا.
اِنْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقُلَّةُ هِيَ الْجِرَارُ ) ‏ ‏جَمْعُ جَرَّةٍ بِفَتْحِ الْجِيمِ بِالْفَارِسِيَّةِ سبوى وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ : الْقُلَّةُ بِالضَّمِّ الْحُبّ الْعَظِيمُ وَالْجَرَّةُ الْعَظِيمَةُ أَوْ عَامَّةٌ أَوْ مِنْ الْفَخَّارِ وَالْكُوزُ الصِّغَارُ ضِدٌّ كَصُرَدٍ وَجِبَالٍ اِنْتَهَى.
وَالْحُبُّ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ بِالْفَارِسِيَّةِ خم وَقَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ الْقُلَّةُ الْحُبُّ الْعَظِيمُ وَالْجَمْعُ قِلَالٌ وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ بِالْحِجَارَةِ اِنْتَهَى.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ قَالُوا إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ رِيحُهُ أَوْ طَعْمُهُ ) ‏ ‏أَيْ أَوْ لَوْنُهُ , وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ الْبَابِ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ قَابِلٌ لِلِاحْتِجَاجِ , وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ لَكِنَّ الْحَقَّ أَنَّهُ صَحِيحٌ , قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ الْعِرَاقِيُّ فِي أَمَالِيهِ قَدْ صَحَّحَ هَذَا الْحَدِيثَ الْجَمُّ الْغَفِيرُ مِنْ أَئِمَّةِ الْحُفَّاظِ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالطَّحَاوِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَابْنُ مِنْدَهْ وَالْحَاكِمُ وَالْخَطَّابِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ حَزْمٍ وَآخَرُونَ كَذَا فِي قُوتِ الْمُغْتَذِي , وَقَالَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي : رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ وَصَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ اِنْتَهَى , وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا : الْفَصْلُ بِالْقُلَّتَيْنِ أَقْوَى لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ فِيهِ , وَقَدْ اِعْتَرَفَ الطَّحَاوِيُّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ بِذَلِكَ , وَقَالَ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ : صَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ اِنْتَهَى.
‏ ‏وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ : قَالَ الْحَاكِمُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا وَقَدْ اِحْتَجَّا بِجَمِيعِ رُوَاتِهِ , وَقَالَ اِبْنُ مِنْدَهْ إِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ , وَقَالَ اِبْنُ مَعِينٍ الْحَدِيثُ جَيِّدُ الْإِسْنَادِ , وَقَالَ اِبْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ صَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى طَرِيقِ الْفُقَهَاءِ.
لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُضْطَرِبَ الْإِسْنَادِ مُخْتَلَفًا فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ فَإِنَّهُ يُجَابُ عَنْهُ بِجَوَابٍ صَحِيحٍ بِأَنْ يُمْكِنَ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ اِنْتَهَى مَا فِي التَّلْخِيصِ.
وَالَّذِينَ لَمْ يَقُولُوا بِحَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ فَمِنْهُمْ مَنْ اِعْتَرَفَ بِصِحَّتِهِ وَاعْتَذَرَ مِنْ الْعَمَلِ بِهِ بِالْإِجْمَالِ فِي مَعْنَى الْقُلَّةِ.
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : قَوْلُ مَنْ لَا يَعْتَبِرُ إِلَّا التَّغَيُّرَ وَعَدَمَهُ قَوِيٌّ لَكِنَّ الْفَصْلَ بِالْقُلَّتَيْنِ أَقْوَى لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ فِيهِ وَقَدْ اِعْتَرَفَ الطَّحَاوِيُّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ بِذَلِكَ لَكِنَّهُ اِعْتَذَرَ مِنْ الْقَوْلِ بِهِ فَإِنَّ الْقُلَّةَ فِي الْعُرْفِ تُطْلَقُ عَلَى الْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ كَالْجَرَّةِ وَلَمْ يَثْبُتْ مِنْ الْحَدِيثِ تَقْدِيرُهُمَا فَيَكُونُ مُجْمَلًا فَلَا يُعْمَلُ بِهِ.
وَقَوَّاهُ اِبْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ , لَكِنْ اِسْتَدَلَّ لَهُ غَيْرُهُمَا فَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ الْمُرَادُ الْقُلَّةُ الْكَبِيرَةُ إِذْ لَوْ أَرَادَ الصَّغِيرَةَ لَمْ يَحْتَجْ لِذِكْرِ الْعَدَدِ فَإِنَّ الصَّغِيرَ بَيْنَ قَدْرِ وَاحِدَةٍ كَبِيرَةٍ وَيَرْجِعُ فِي الْكَبِيرَةِ إِلَى الْعُرْفِ عِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرَّسُولَ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَرَكَ تَحْدِيدَهَا عَلَى سَبِيلِ التَّوْسِعَةِ وَالْعِلْمُ مُحِيطٌ بِأَنَّهُ مَا خَاطَبَ الصَّحَابَةَ إِلَّا بِمَا يَفْهَمُونَ فَانْتَهَى الْإِجْمَالُ , اِنْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ.
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ : قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ : وَقِلَالُ هَجَرَ كَانَتْ مَشْهُورَةً عِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ وَلِشُهْرَتِهَا عِنْدَهُمْ شَبَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَأَى لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ مِنْ نَبْقِ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى بِقِلَالِ هَجَرَ فَقَالَ فِي حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ " رُفِعْت إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى فَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ وَإِذَا نَبْقُهَا مِثْلُ قِلَالِ هَجَرَ " قَالَ وَاعْتِذَارُ الطَّحَاوِيِّ فِي تَرْكِ الْحَدِيثِ أَصْلًا بِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مِقْدَارَ الْقُلَّتَيْنِ لَا يَكُونُ عُذْرًا عِنْدَ مَنْ عَلِمَهُ اِنْتَهَى.
‏ ‏وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِ الْبَيْهَقِيِّ هَذَا : فَإِنْ قِيلَ أَيُّ مُلَازَمَةٍ بَيْنَ هَذَا التَّشْبِيهِ وَبَيْنَ ذِكْرِ الْقُلَّةِ فِي حَدِّ الْمَاءِ ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِهَا فِي حَدِيثِ الْمِعْرَاجِ دَالٌّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مَعْلُومَةً عِنْدَهُمْ بِحَيْثُ يُضْرَبُ بِهَا الْمَثَلُ فِي الْكِبَرِ كَمَا أَنَّ التَّقْيِيدَ الْمُطْلَقَ إِنَّمَا يَنْصَرِفُ إِلَى التَّقْيِيدِ الْمَعْهُودِ.
وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ : الْقِلَالُ مُخْتَلِفَةٌ فِي قُرَى الْعَرَبِ وَقِلَالُ هَجَرَ أَكْبَرُهَا وَقِلَالُ هَجَرَ مَشْهُورَةُ الصَّنْعَةِ مَعْلُومَةُ الْمِقْدَارِ وَالْقُلَّةُ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ وَبَعْدَ صَرْفِهَا إِلَى أَحَدِ مَعْلُومَاتِهَا وَهِيَ الْأَوَانِي تَبْقَى مُتَرَدِّدَةً بَيْنَ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ , وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا مِنْ الْكِبَارِ جَعْلُ الشَّارِعِ الْحَدَّ مِقْدَارًا بِعَدَدٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَكْبَرِهَا لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي تَقْدِيرِهِ بِقُلَّتَيْنِ صَغِيرَتَيْنِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى تَقْدِيرِهِ بِوَاحِدَةٍ كَبِيرَةٍ اِنْتَهَى.
‏ ‏قُلْت : وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثٍ ضَعِيفٍ تَقْيِيدُ الْقُلَّتَيْنِ بِقِلَالِ هَجَرَ , وَهُوَ مَا رَوَى اِبْنُ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ اِبْنِ عُمَرَ " إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ مِنْ قِلَالِ هَجَرَ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ " قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ : فِي إِسْنَادِهِ الْمُغِيرَةُ بْنُ صِقْلَابٍ وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ , قَالَ النُّفَيْلِيُّ لَمْ يَكُنْ مُؤْتَمَنًا عَلَى الْحَدِيثِ.
وَقَالَ اِبْنُ عَدِيٍّ لَا يُتَابَعُ عَلَى عَامَّةِ حَدِيثِهِ اِنْتَهَى.
‏ ‏قُلْت : قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ فِي تَرْجَمَةِ الْمُغِيرَةِ بْنِ صِقْلَابٍ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ صَالِحُ الْحَدِيثِ وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ لَا بَأْسَ بِهِ اِنْتَهَى.
‏ ‏فَالِاعْتِذَارُ مِنْ الْقَوْلِ بِحَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ بِزَعْمِ الْإِجْمَالِ فِي مَعْنَى الْقُلَّةِ اِعْتِذَارٌ بَارِدٌ , وَمِنْ الَّذِينَ لَمْ يَقُولُوا بِهِ اِعْتَذَرُوا بِأَنَّ الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ مُضْطَرِبُ الْإِسْنَادِ , قَالُوا إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ يَرْوِي تَارَةً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ اِبْنِ عُمَرَ كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ , وَتَارَةً عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ اِبْنِ عُمَرَ , وَتَارَةً عَنْهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , ثُمَّ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي شَيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ.
فَقَالَ مَرَّةً عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُكَبَّرِ وَمَرَّةً عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُصَغَّرِ.
‏ ‏قُلْت : هَذَا الِاعْتِذَارُ أَيْضًا بَارِدٌ , فَإِنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ لَيْسَ قَادِحًا مُورِثًا لِضَعْفِ الْحَدِيثِ , فَإِنَّ وُجُوهَ الِاخْتِلَافِ لَيْسَتْ بِمُسْتَوِيَةٍ فَإِنَّ الرِّوَايَةَ الصَّحِيحَةَ الْمَحْفُوظَةَ هِيَ رِوَايَةُ اِبْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ اِبْنِ عُمَرَ كَمَا رَوَاهَا التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ.
كَذَلِكَ رَوَاهَا جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ عَنْ اِبْنِ إِسْحَاقَ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ : رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَعَبْدُ اللَّهُ بْنُ الْمُبَارَكِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَأَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَسَعْدُ بْنُ زَيْدٍ أَخُو حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَزَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِنْتَهَى.
‏ ‏وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِيهِ : وَرَوَاهُ عَاصِمُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ اِبْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ قُوَّةٌ لِرِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ اِنْتَهَى.
‏ ‏وَأَمَّا رِوَايَةُ اِبْنِ إِسْحَاقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ اِبْنِ عُمَرَ فَمَدَارُهَا عَلَى عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَطَاءٍ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَرَوَاهَا عَنْ اِبْنِ إِسْحَاقَ بِالْعَنْعَنَةِ فَهِيَ ضَعِيفَةٌ لِمَظِنَّةِ التَّدْلِيسِ , عَلَى أَنَّهُ قَدْ خَالَفَ جَمِيعَ أَصْحَابِ اِبْنِ إِسْحَاقَ.
‏ ‏وَأَمَّا رِوَايَتُهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَلَيْسَتْ بِمَحْفُوظَةٍ , قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ نا أَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنُ دِينَارٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ نا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبٍ الْمُسْلِمِيُّ نا اِبْنُ عَيَّاشٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْقَلِيبِ , الْحَدِيثَ ‏ ‏قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ كَذَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَالْمَحْفُوظُ عَنْ اِبْنِ عَيَّاشٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ اِنْتَهَى.
‏ ‏وَقَدْ اِعْتَذَرُوا أَيْضًا بِأَنَّ الْحَدِيثَ مُضْطَرِبُ الْمَتْنِ فَفِي بَعْضِهَا قُلَّتَيْنِ , وَفِي بَعْضِهَا قُلَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا.
‏ ‏وَفِي رِوَايَةٍ مَوْقُوفَةٍ أَرْبَعِينَ قُلَّةً , وَكَذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ مَرْفُوعَةٍ أَرْبَعِينَ قُلَّةً.
قُلْت : هَذَا الِاعْتِذَارُ أَيْضًا بَارِدٌ فَإِنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ أَيْضًا لَيْسَ قَادِحًا مُورِثًا لِلضَّعْفِ فَإِنَّ رِوَايَةَ أَرْبَعِينَ قُلَّةً الَّتِي هِيَ مَرْفُوعَةٌ ضَعِيفَةٌ جِدًّا , فَإِنَّ فِي سَنَدِهَا الْقَاسِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيَّ , قَالَ اِبْنُ التُّرْكُمَانِيِّ فِي الْجَوْهَرِ النَّقِيِّ حَكَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ كَانَ ضَعِيفًا كَثِيرَ الْخَطَأِ.
‏ ‏وَفِي كِتَابِ اِبْنِ الْجَوْزِيِّ : قَالَ أَحْمَدُ لَيْسَ هُوَ عِنْدِي بِشَيْءٍ كَانَ يَكْذِبُ وَيَضَعُ الْحَدِيثَ تَرَكَ النَّاسُ حَدِيثَهُ , وَقَالَ يَحْيَى لَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَالَ مَرَّةً كَذَّابٌ خَبِيثٌ , وَقَالَ الرَّازِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَالْأَزْدِيُّ مَتْرُوكَ الْحَدِيثِ , وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ لَا يُسَاوِي شَيْئًا مَتْرُوكَ الْحَدِيثِ اِنْتَهَى.
‏ ‏وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ.
رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ وَابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ وَالْعَقِيلِيُّ فِي كِتَابِهِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ أَرْبَعِينَ قُلَّةً فَإِنَّهُ لَا يَحْمِلُ الْخَبَثَ اِنْتَهَى.
‏ ‏قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ كَذَا رَوَاهُ الْقَاسِمُ الْعُمَرِيُّ عَنْ اِبْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ وَوَهَمَ فِي إِسْنَادِهِ وَكَانَ ضَعِيفًا كَثِيرَ الْخَطَأِ , وَخَالَفَهُ رُوحُ بْنُ الْقَاسِمِ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ رَوَوْهُ عَنْ اِبْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَوْقُوفًا , وَرَوَاهُ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ مِنْ قَوْلِهِ لَمْ يُجَاوِزْهُ , ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ جِهَةِ رُوحِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ أَرْبَعِينَ قُلَّةً لَمْ يُنَجَّسْ اِنْتَهَى.
فَرِوَايَةُ أَرْبَعِينَ قُلَّةً الَّتِي هِيَ مَرْفُوعَةٌ لِشِدَّةِ ضَعْفِهَا لَا تُسَاوِي رِوَايَةَ قُلَّتَيْنِ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ أَرْبَعِينَ قُلَّةً الَّتِي هِيَ مَوْقُوفَةٌ فَهِيَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَقَوْلُهُ هَذَا وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا مِنْ جِهَةِ السَّنَدِ فَهُوَ لَا يُسَاوِي رِوَايَةَ قُلَّتَيْنِ الَّتِي هِيَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا رِوَايَةُ قُلَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَقَدْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ : قَوْلُهُ أَوْ ثَلَاثًا شَكٌّ وَقَعَ لِبَعْضِ الرُّوَاةِ اِنْتَهَى.
فَرِوَايَةُ قُلَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا بِالشَّكِّ تَرْجِعُ إِلَى رِوَايَةِ قُلَّتَيْنِ الَّتِي هِيَ خَالِيَةٌ عَنْ الشَّكِّ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّكَّ مِنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فَإِنَّ بَعْضَ أَصْحَابِهِ يَرْوُونَ عَنْهُ قُلَّتَيْنِ وَبَعْضُهُمْ قُلَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا.
‏ ‏أَوْ مِنْ عَاصِمِ بْنِ الْمُنْذِرِ فَإِنَّ كُلَّ مَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرَهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ إِنَّمَا رَوَاهُ بِلَفْظِ قُلَّتَيْنِ بِغَيْرِ شَكٍّ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَقَدْ اِعْتَذَرُوا أَيْضًا بِأَنَّ الْحَدِيثَ مُضْطَرِبٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى فَإِنَّ الْقُلَّةَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ رَأْسِ الرَّجُلِ وَرَأْسِ الْجَبَلِ وَالْجَرَّةِ وَالْقِرْبَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ , وَلَمْ يَتَعَيَّنْ مَعْنَاهَا , وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا الْأَوَانِي كَالْجَرَّةِ وَالْخَابِيَةِ فَلَمْ يَثْبُتْ مِقْدَارُهَا مَعَ أَنَّهَا مُتَقَارِبَةٌ جِدًّا.
قُلْت : هَذَا الِاعْتِذَارُ أَيْضًا لَيْسَ بِشَيْءٍ فَإِنَّ الْقُلَّةَ بِمَعْنَى رَأْسِ الرَّجُلِ أَوْ رَأْسِ الْجَبَلِ لَا يَحْصُلُ بِهَا التَّحْدِيدُ أَلْبَتَّةَ.
وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْحَدِيثِ لَيْسَ إِلَّا التَّحْدِيدَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ مِنْ الْقُلَّةِ رَأْسُ الرَّجُلِ أَوْ رَأْسُ الْجَبَلِ فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُلَّةِ الْأَوَانِي.
وَلَمَّا كَانَتْ قِلَالُ هَجَرَ مَشْهُورَةً مَعْرُوفَةَ الْمِقْدَارِ عِنْدَ الْعَرَبِ كَثِيرَةَ الِاسْتِعْمَالِ فِي أَشْعَارِهِمْ وَلِذَلِكَ شَبَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبْقَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى بِقِلَالِ هَجَرَ تَعَيَّنَ أَنْ تَكُونَ هِيَ مُرَادَةً فِي الْحَدِيثِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا فَتَذَكَّرْ.
‏ ‏وَالْحَاصِلُ : أَنَّ حَدِيثَ الْبَابِ صَحِيحٌ قَابِلٌ لِلِاحْتِجَاجِ وَكُلُّ مَا اِعْتَذَرُوا بِهِ عَنْ الْعَمَلِ وَالْقَوْلِ بِهِ فَهُوَ مَدْفُوعٌ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( وَقَالُوا يَكُونُ نَحْوًا مِنْ خَمْسٍ قِرَبٍ ) ‏ ‏جَمْعُ قِرْبَةٍ أَيْ يَكُونُ مِقْدَارُ الْقُلَّتَيْنِ قَرِيبًا مِنْ خَمْسِ قِرَبٍ وَذَلِكَ نَحْوُ خَمْسِمِائَةِ رِطْلٍ كَمَا فِي السُّبُلِ.
وَقَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ : الْقُلَّةُ الْحُبُّ الْعَظِيمُ وَالْجَمْعُ قِلَالٌ وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ بِالْحِجَازِ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ فِي صِفَةِ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى نَبْقُهَا مِثْلُ قِلَالِ هَجَرَ.
‏ ‏وَهَجَرُ قَرْيَةٌ قَرِيبَةٌ مِنْ الْمَدِينَةِ وَلَيْسَتْ هَجَرَ الْبَحْرَيْنِ وَكَانَتْ تَعْمَلُ بِهَا الْقِلَالُ تَأْخُذُ الْوَاحِدَةُ مِنْهَا مَزَادَةً مِنْ الْمَاءِ , سُمِّيَتْ قُلَّةً لِأَنَّهَا تَقِلُّ أَيْ تَرْفَعُ وَتَحْمِلُ اِنْتَهَى كَلَامُ الْجَزَرِيِّ.
وَقَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ طَاهِرٌ فِي مَجْمَعِ الْبِحَارِ : الْقُلَّةُ جَرَّةٌ عَظِيمَةٌ تَسَعُ خَمْسَمِائَةِ رِطْلٍ اِنْتَهَى.


حديث إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث قال محمد بن إسحاق القلة هي الجرار والقلة

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏هَنَّادٌ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عَبْدَةُ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ عُمَرَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَهُوَ يُسْأَلُ عَنْ الْمَاءِ يَكُونُ فِي الْفَلَاةِ مِنْ الْأَرْضِ وَمَا يَنُوبُهُ مِنْ ‏ ‏السِّبَاعِ ‏ ‏وَالدَّوَابِّ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏ ‏إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ ‏ ‏الْخَبَثَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏عَبْدَةُ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ ‏ ‏الْقُلَّةُ هِيَ الْجِرَارُ وَالْقُلَّةُ الَّتِي ‏ ‏يُسْتَقَى فِيهَا ‏ ‏قَالَ ‏ ‏أَبُو عِيسَى ‏ ‏وَهُوَ قَوْلُ ‏ ‏الشَّافِعِيِّ ‏ ‏وَأَحْمَدَ ‏ ‏وَإِسْحَقَ ‏ ‏قَالُوا إِذَا كَانَ الْمَاءُ ‏ ‏قُلَّتَيْنِ ‏ ‏لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ رِيحُهُ أَوْ طَعْمُهُ وَقَالُوا يَكُونُ نَحْوًا مِنْ خَمْسِ ‏ ‏قِرَبٍ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث سنن الترمذي

لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يتوضأ منه

عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يتوضأ منه» هذا حديث حسن صحيح، وفي الباب عن جابر

هو الطهور ماؤه الحل ميتته

عن سعيد بن سلمة من آل ابن الأزرق، أن المغيرة بن أبي بردة وهو من بني عبد الدار أخبره، أنه سمع أبا هريرة، يقول: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فق...

هذا فكان لا يستتر من بوله وأما هذا فكان يمشي بالنم...

عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على قبرين، فقال: " إنهما يعذبان، وما يعذبان في كبير: أما هذا فكان لا يستتر من بوله، وأما هذا فكان يمشي با...

ينضح بول الغلام ويغسل بول الجارية

عن أم قيس بنت محصن، قالت: دخلت بابن لي على النبي صلى الله عليه وسلم لم يأكل الطعام فبال عليه «فدعا بماء فرشه عليه».<br> وفي الباب عن علي، وعائشة، وزين...

يكدم الأرض بفيه حتى ماتوا

عن أنس، أن ناسا من عرينة قدموا المدينة، فاجتووها، فبعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في إبل الصدقة، وقال: «اشربوا من ألبانها وأبوالها»، فقتلوا راعي ر...

سمل أعينهم لأنهم سملوا أعين الرعاة

عن أنس بن مالك، قال: «إنما سمل النبي صلى الله عليه وسلم أعينهم لأنهم سملوا أعين الرعاة».<br> هذا حديث غريب، لا نعلم أحدا ذكره غير هذا الشيخ، عن يزيد ب...

لا وضوء إلا من صوت أو ريح

عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا وضوء إلا من صوت أو ريح»،: هذا حديث حسن صحيح

إذا كان أحدكم في المسجد فوجد ريحا بين أليتيه فلا ي...

عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كان أحدكم في المسجد فوجد ريحا بين أليتيه فلا يخرج حتى يسمع صوتا، أو يجد ريحا»، وفي ال...

إن الله لا يقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ

عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله لا يقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ»، هذا حديث حسن صحيح