حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا - سنن الترمذي

سنن الترمذي | أبواب الطهارة باب الوضوء بالنبيذ (حديث رقم: 88 )


88- عن عبد الله بن مسعود، قال: سألني النبي صلى الله عليه وسلم: «ما في إداوتك؟»، فقلت: نبيذ، فقال: «تمرة طيبة، وماء طهور»، قال: فتوضأ منه،: وإنما روي هذا الحديث عن أبي زيد، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو زيد رجل مجهول عند أهل الحديث لا تعرف له رواية غير هذا الحديث، وقد رأى بعض أهل العلم الوضوء بالنبيذ منهم: سفيان، وغيره، وقال بعض أهل العلم: لا يتوضأ بالنبيذ، وهو قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وقال إسحاق: «إن ابتلي رجل بهذا فتوضأ بالنبيذ وتيمم أحب إلي»،: وقول من يقول: لا يتوضأ بالنبيذ، أقرب إلى الكتاب وأشبه، لأن الله تعالى قال: {فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا} [النساء: ٤٣]

أخرجه الترمذي


ضعيف

شرح حديث (فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا)

تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)

‏ ‏قَوْلُهُ : ( نا شَرِيكٌ ) ‏ ‏هُوَ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيُّ الْكُوفِيُّ ‏ ‏( عَنْ أَبِي فَزَارَةَ ) ‏ ‏اِسْمُهُ رَاشِدُ بْنُ كَيْسَانَ الْكُوفِيُّ , ثِقَةٌ مِنْ الْخَامِسَةِ ‏ ‏( عَنْ أَبِي زَيْدٍ ) ‏ ‏مَجْهُولٌ لَيْسَ يُدْرَى مَنْ هُوَ وَلَا يُعْرَفُ أَبُوهُ وَلَا بَلَدُهُ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( سَأَلَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فِي إِدَاوَتِك ) ‏ ‏بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ إِنَاءٌ صَغِيرٌ مِنْ جِلْدٍ يُتَّخَذُ لِلْمَاءِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ لَيْلَةَ الْجِنِّ مَا فِي إِدَاوَتِك ‏ ‏( فَقَالَ ) ‏ ‏أَيْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏( تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ ) ‏ ‏بِفَتْحِ الطَّاءِ أَيْ النَّبِيذِ لَيْسَ إِلَّا تَمْرَةٌ وَهِيَ طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ وَهُوَ طَهُورٌ فَلَيْسَ فِيهِ مَا يَمْنَعُ التَّوَضُّؤَ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( وَإِنَّمَا رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو زَيْدٍ رَجُلٌ مَجْهُولٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ ) ‏ ‏قَالَ الْحَافِظُ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ : قَالَ اِبْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ : أَبُو زَيْدٍ شَيْخٌ يَرْوِي عَنْ اِبْنِ مَسْعُودٍ لَيْسَ يُدْرَى مَنْ هُوَ وَلَا أَبُوهُ وَلَا بَلَدُهُ وَمَنْ كَانَ بِهَذَا النَّعْتِ.
ثُمَّ لَمْ يَرْوِ إِلَّا خَبَرًا وَاحِدًا خَالَفَ فِيهِ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَالْإِجْمَاعَ وَالْقِيَاسَ اِسْتَحَقَّ مُجَانَبَةَ مَا رَوَاهُ اِنْتَهَى.
‏ ‏وَقَالَ اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي كِتَابِهِ الْعِلَلِ : سَمِعْت أَبَا زُرْعَةَ يَقُولُ حَدِيثُ أَبِي فَزَارَةَ بِالنَّبِيذِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَأَبُو زَيْدٍ مَجْهُولٌ , وَذَكَرَ اِبْنُ عَدِيٍّ عَنْ الْبُخَارِيِّ قَالَ : أَبُو زَيْدٍ الَّذِي رَوَى حَدِيثَ اِبْنِ مَسْعُودٍ فِي الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ بِصُحْبَةِ عَبْدِ اللَّهِ وَلَا يَصِحُّ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ خِلَافُ الْقُرْآنِ اِنْتَهَى.
‏ ‏قَالَ الْقَارِي فِي الْمِرْقَاةِ : قَالَ السَّيِّدُ جَمَالٌ.
أَجْمَعَ الْمُحَدِّثُونَ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ اِنْتَهَى.
‏ ‏وَقَالَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي : هَذَا الْحَدِيثُ أَطْبَقَ عُلَمَاءُ السَّلَفِ عَلَى تَضْعِيفِهِ اِنْتَهَى.
وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي مَعَانِي الْآثَارِ : إِنَّ حَدِيثَ اِبْنِ مَسْعُودٍ رُوِيَ مِنْ طُرُقٍ لَا تَقُومُ بِمِثْلِهَا حُجَّةٌ اِنْتَهَى.
وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( وَقَدْ رَأَى بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ الْوُضُوءَ بِالنَّبِيذِ مِنْهُمْ سُفْيَانُ وَغَيْرُهُ ) ‏ ‏وَمِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ.
قَالَ فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ : فَإِنْ عَدِمَ الْمَاءُ إِلَّا نَبِيذَ التَّمْرِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ بِالْوُضُوءِ بِهِ فَقَطْ وَأَبُو يُوسُفَ بِالتَّيَمُّمِ فَحَسْبُ وَمُحَمَّدٌ بِهِمَا اِنْتَهَى.
وَاسْتَدَلَّ لَهُمْ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ ضَعِيفٌ لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ.
‏ ‏وَرُوِيَ أَنَّ الْإِمَامَ أَبَا حَنِيفَةَ رَجَعَ إِلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ.
قَالَ الْقَارِي فِي الْمِرْقَاةِ : وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ قَالَ التَّوَضُّؤُ بِنَبِيذِ التَّمْرِ جَائِزٌ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَشْرِبَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ وَيَتَيَمَّمُ مَعَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَبِهِ أَخَذَ مُحَمَّدٌ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ يَتَوَضَّأُ وَلَا يَتَيَمَّمُ وَفِي رِوَايَةٍ يَتَيَمَّمُ وَلَا يَتَوَضَّأُ وَبِهِ أَخَذَ أَبُو يُوسُفَ وَرَوَى نُوحٌ الْجَامِعُ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَجَعَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ اِنْتَهَى.
‏ ‏وَقَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ ص 948 ج 1 مَا لَفْظُهُ : وَفِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ لِأَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ إِحْدَاهَا يُتَوَضَّأُ بِهِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ النِّيَّةُ وَلَا يَتَيَمَّمُ وَهَذِهِ هِيَ الْمَشْهُورَةُ.
‏ ‏وَقَالَ قَاضِي خَانْ هُوَ قَوْلُهُ الْأَوَّلُ وَبِهِ قَالَ زُفَرُ وَالثَّانِيَةُ يَتَيَمَّمُ وَلَا يَتَوَضَّأُ رَوَاهَا عَنْهُ نُوحُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ وَأَسَدُ بْنُ عُمَرَ وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ.
‏ ‏قَالَ قَاضِي خَانْ وَهُوَ الصَّحِيحُ عَنْهُ وَالَّذِي رَجَعَ إِلَيْهَا وَبِهَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَاخْتَارَ الطَّحَاوِيُّ هَذَا.
وَالثَّالِثَةُ رُوِيَ عَنْهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ اِنْتَهَى.
‏ ‏( وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يَتَوَضَّأُ بِالنَّبِيذِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ ) ‏ ‏وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَجُمْهُورُهُمْ.
وَدَلِيلُهُمْ أَنَّ النَّبِيذَ لَيْسَ بِمَاءٍ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى { فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ الْبَابِ بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ وَضَعَّفَ الطَّحَاوِيُّ أَيْضًا حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَاخْتَارَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِالنَّبِيذِ الْوُضُوءُ فِي سَفَرٍ وَلَا فِي حَضَرٍ.
‏ ‏وَقَالَ إِنَّ حَدِيثَ اِبْنِ مَسْعُودٍ رُوِيَ مِنْ طُرُقٍ لَا تَقُومُ بِمِثْلِهَا حُجَّةٌ , وَقَدْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ إِنِّي لَمْ أَكُنْ لَيْلَةَ الْجِنِّ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَدِدْت أَنِّي كُنْت مَعَهُ.
‏ ‏وَسُئِلَ أَبُو عُبَيْدَةَ هَلْ كَانَ أَبُوك لَيْلَةَ الْجِنِّ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ لَا.
مَعَ أَنَّ فِيهِ اِنْقِطَاعًا لِأَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ وَلَمْ نَعْتَبِرْ فِيهِ اِتِّصَالًا وَلَا اِنْقِطَاعًا وَلَكِنَّا اِحْتَجَجْنَا بِكَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ لِأَنَّ مِثْلَهُ فِي تَقَدُّمِهِ فِي الْعِلْمِ وَمَكَانِهِ مِنْ أَمْرِهِ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُ هَذَا فَجَعَلْنَا قَوْلَهُ حُجَّةً فِيهِ اِنْتَهَى ‏ ‏( وَقَوْلُ مَنْ قَالَ لَا يَتَوَضَّأُ بِالنَّبِيذِ أَقْرَبُ إِلَى الْكِتَابِ وَأَشْبَهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ ) { فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } ‏ ‏أَيْ وَالنَّبِيذُ لَيْسَ بِمَاءٍ.
‏ ‏قَالَ اِبْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْعَارِضَةِ : وَالْمَاءُ يَكُونُ فِي تَصْفِيَتِهِ وَلَوْنِهِ وَطَعْمِهِ فَإِذَا خَرَجَ عَنْ إِحْدَاهَا لَمْ يَكُنْ مَاءً.
‏ ‏وَقَالَ فَلَمْ يَجْعَلْ بَيْنَ الْمَاءِ وَالتَّيَمُّمِ وَاسِطَةً , وَهَذِهِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالزِّيَادَةُ عِنْدَهُمْ عَلَى النَّصِّ نَسْخٌ وَنَسْخُ الْقُرْآنِ عِنْدَهُمْ لَا يَجُوزُ إِلَّا بِقُرْآنٍ مِثْلِهِ أَوْ بِخَبَرٍ مُتَوَاتِرٍ وَلَا يَنْسَخُ الْخَبَرُ الْوَاحِدُ إِذَا صَحَّ فَكَيْفَ إِذَا كَانَ ضَعِيفًا مَطْعُونًا فِيهِ اِنْتَهَى.
‏ ‏تَنْبِيهٌ : ‏ ‏قَالَ صَاحِبُ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ : وَأَمَّا قَوْلُ إِنَّهُ يَلْزَمُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْقَاطِعِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ الْمُنَبَّذُ مُقَيَّدًا فِي بَادِئِ الرَّأْيِ إِلَّا أَنَّ الْعَرَبَ يَسْتَعْمِلُونَ النَّبِيذَ مَوْضِعَ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ فَلَمْ يَكُنْ عَلَى طَرِيقِ التَّفَكُّهِ بَلْ يَكُونُ مِثْلَ الْمَاءِ الْمَخْلُوطِ بِالثَّلْجِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي زَمَانِنَا فَإِنَّهُ لَا يَقُولُ أَحَدٌ بِأَنَّهُ مَاءٌ مُقَيَّدٌ اِنْتَهَى.
‏ ‏قُلْت : هَذَا الْجَوَابُ وَاهٍ جِدًّا فَإِنَّ النَّبِيذَ لَوْ كَانَ مِثْلَ الْمَاءِ الْمَخْلُوطِ بِالثَّلْجِ لَمْ يَقَعْ الِاخْتِلَافُ فِي جَوَازِ التَّوَضُّؤِ بِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ بَلْ يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ عِنْدَ وُجُودِ الْمَاءِ أَيْضًا كَمَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِالْمَاءِ الْمَخْلُوطِ بِالثَّلْجِ عِنْدَ وُجُودِ الْمَاءِ الْخَالِصِ بِالِاتِّفَاقِ.
‏ ‏وَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ أَنَّهُ كَيْفَ تَفَوَّهَ بِأَنَّ النَّبِيذَ مِثْلُ الْمَاءِ الْمَخْلُوطِ بِالثَّلْجِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الثَّلْجَ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعٍ مِنْ الْمِيَاهِ الصِّرْفَةِ.
فَالْمَاءُ الْمَخْلُوطُ بِهِ مَاءٌ صِرْفٌ وَأَمَّا النَّبِيذُ فَلَيْسَ بِمَاءٍ صِرْفٍ بَلْ هُوَ مَاءٌ اِخْتَلَطَ بِهِ أَجْزَاءُ مَا أُلْقِيَ فِيهِ مِنْ التَّمْرِ وَغَيْرِهِ وَصَارَ طَعْمُهُ حُلْوًا بِحَيْثُ زَالَ عَنْهُ اِسْمُ الْمَاءِ , أَلَا تَرَى أَنَّهُ وَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ اِبْنَ مَسْعُودٍ هَلْ مَعَك مَاءٌ فَقَالَ لَا مَعَ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ النَّبِيذُ.
‏ ‏قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ : إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ هَلْ مَعَك مَاءٌ قَالَ لَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ اِسْتَحَالَ فِي التَّمْرِ حَتَّى سُلِبَ عَنْهُ اِسْمُ الْمَاءِ وَإِلَّا لَمَا صَحَّ نَفْيُهُ عَنْهُ اِنْتَهَى , وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّ الْعَرَبَ يَسْتَعْمِلُونَ النَّبِيذَ مَوْضِعَ الْمُطْلَقِ إِلَخْ فَلَا يُجْدِي نَفْعًا فَإِنَّ بِاسْتِعْمَالِهِمْ شَيْئًا غَيْرَ الْمَاءِ مَكَانَ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ الشَّيْءُ عِنْدَ الشَّرْعِ مَاءً مُطْلَقًا وَفِي حُكْمِهِ.
‏ ‏وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْإِشْكَالَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ بْنُ الْعَرَبِيِّ عَسِيرٌ جِدًّا عَلَى الْحَنَفِيَّةِ لَا يُمْكِنُ مِنْهُمْ دَفْعُهُ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا , وَأَمَّا مَا قِيلَ مِنْ أَنَّ حَدِيثَ النَّبِيذِ مَشْهُورٌ يُزَادُ بِمِثْلِهِ عَلَى الْكِتَابِ فَهُوَ مِمَّا لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ فَإِنَّ شُرَّاحَ الْهِدَايَةِ قَدْ بَيَّنُوا أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَيْسَ مَشْهُورًا بِالشُّهْرَةِ الِاصْطِلَاحِيَّةِ الَّذِي تَجُوزُ بِهِ الزِّيَادَةُ , نَعَمْ لَهُ شُهْرَةٌ عُرْفِيَّةٌ وَلُغَوِيَّةٌ كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ السِّعَايَةِ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ : أَمَّا كَوْنُهُ مَشْهُورًا فَلَيْسَ يُرِيدُ الِاصْطِلَاحِيَّ اِنْتَهَى.
‏ ‏وَأَمَّا قَوْلُ صَاحِبِ بَذْلِ الْمَجْهُودِ قَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ كُبَرَاءِ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ مَوْرِدَ الشُّهْرَةِ وَالِاسْتِفَاضَةِ حَيْثُ عَمِلَ بِهِ الصَّحَابَةُ وَتَلَقَّوْهُ بِالْقَبُولِ وَمِثْلُهُ مِمَّا يُنْسَخُ بِهِ الْكِتَابُ.
‏ ‏فَمَبْنِيٌّ عَلَى قِلَّةِ اِطِّلَاعِهِ , فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ التَّوَضُّؤُ بِالنَّبِيذِ , قَالَ الْحَافِظُ فِي الدِّرَايَةِ : قَوْلُهُ وَالْحَدِيثُ مَشْهُورٌ عَمِلَ بِهِ الصَّحَابَةُ : أَمَّا الشُّهْرَةُ فَلَيْسَتْ الِاصْطِلَاحِيَّةَ وَإِنَّمَا يُرِيدُ شُهْرَتَهُ بَيْنَ النَّاسِ , وَأَمَّا عَمَلُ الصَّحَابَةِ فَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ فَقَدْ أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ ضَعِيفَيْنِ عَنْ عَلِيٍّ وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَضْعَفَ مِنْهُمَا عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ وَمِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا إِذَا لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ مَاءً وَوَجَدَ النَّبِيذَ فَلْيَتَوَضَّأْ بِهِ وَأَخْرَجَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ نَحْوَهُ وَقَالَ الصَّوَابُ مَوْقُوفٌ عَلَى عِكْرِمَةَ , قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رَوَاهُ هِقْلٌ وَالْوَلِيدُ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ مِنْ قَوْلِهِ وَكَذَا قَالَ شَيْبَانُ وَعَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى اِنْتَهَى.


حديث ما في إداوتك فقلت نبيذ فقال تمرة طيبة وماء طهور قال فتوضأ منه وإنما روي

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏هَنَّادٌ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏شَرِيكٌ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي فَزَارَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي زَيْدٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏سَأَلَنِي النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏مَا فِي ‏ ‏إِدَاوَتِكَ ‏ ‏فَقُلْتُ ‏ ‏نَبِيذٌ ‏ ‏فَقَالَ ‏ ‏تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ قَالَ فَتَوَضَّأَ مِنْهُ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏أَبُو عِيسَى ‏ ‏وَإِنَّمَا رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ ‏ ‏أَبِي زَيْدٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ ‏ ‏عَنْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَأَبُو زَيْدٍ ‏ ‏رَجُلٌ مَجْهُولٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ لَا تُعْرَفُ لَهُ رِوَايَةٌ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ ‏ ‏وَقَدْ رَأَى بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ الْوُضُوءَ ‏ ‏بِالنَّبِيذِ ‏ ‏مِنْهُمْ ‏ ‏سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ‏ ‏وَغَيْرُهُ ‏ ‏و قَالَ ‏ ‏بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يُتَوَضَّأُ ‏ ‏بِالنَّبِيذِ ‏ ‏وَهُوَ قَوْلُ ‏ ‏الشَّافِعِيِّ ‏ ‏وَأَحْمَدَ ‏ ‏وَإِسْحَقَ ‏ ‏و قَالَ ‏ ‏إِسْحَقُ ‏ ‏إِنْ ابْتُلِيَ رَجُلٌ بِهَذَا فَتَوَضَّأَ ‏ ‏بِالنَّبِيذِ ‏ ‏وَتَيَمَّمَ أَحَبُّ إِلَيَّ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏أَبُو عِيسَى ‏ ‏وَقَوْلُ مَنْ يَقُولُ لَا يُتَوَضَّأُ ‏ ‏بِالنَّبِيذِ ‏ ‏أَقْرَبُ إِلَى الْكِتَابِ وَأَشْبَهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ ‏ { ‏فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا ‏ ‏صَعِيدًا ‏ ‏طَيِّبًا ‏}

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث سنن الترمذي

شرب لبنا فدعا بماء فمضمض

عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب لبنا فدعا بماء فمضمض، وقال: «إن له دسما»، وفي الباب عن سهل بن سعد، وأم سلمة،: وهذا حديث حسن صحيح وقد رأى...

سلم على النبي ﷺ وهو يبول فلم يرد عليه

عن ابن عمر، «أن رجلا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فلم يرد عليه»، هذا حديث حسن صحيح، وإنما يكره هذا عندنا إذا كان على الغائط والبول، وقد ف...

يغسل الإناء إذا ولغ فيه الكلب سبع مرات

عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " يغسل الإناء إذا ولغ فيه الكلب سبع مرات: أولاهن أو أخراهن بالتراب، وإذا ولغت فيه الهرة غسل مرة "،...

هي من الطوافين عليكم أو الطوافات

عن كبشة بنت كعب بن مالك وكانت عند ابن أبي قتادة، أن أبا قتادة دخل عليها، قالت: فسكبت له وضوءا، قالت: فجاءت هرة تشرب، فأصغى لها الإناء حتى شربت، قالت ك...

توضأ ومسح على خفيه

عن همام بن الحارث، قال: بال جرير بن عبد الله، ثم «توضأ، ومسح على خفيه»، فقيل له: أتفعل هذا؟ قال: وما يمنعني، وقد «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يف...

رأيت النبي ﷺ توضأ ومسح على خفيه

عن شهر بن حوشب، قال: رأيت جرير بن عبد الله توضأ، ومسح على خفيه، فقلت له في ذلك، فقال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ، ومسح على خفيه»، فقلت له: أق...

للمسافر ثلاثة وللمقيم يوم

عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه سئل عن المسح على الخفين؟ فقال: «للمسافر ثلاثة، وللمقيم يوم»، وذكر عن يحيى ب...

إذا كنا سفرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن...

عن صفوان بن عسال، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن، إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ون...

النبي ﷺ مسح أعلى الخف وأسفله

عن المغيرة بن شعبة، «أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح أعلى الخف وأسفله»،: " وهذا قول غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والتابعين، وبه يقول ما...